31.10.09

صابون برائحة النكبة

19/6/61 ن.

قبل حوالي اسبوعين زرت معرض الصناعات الفلسطينية , في الناصرة , مع صديق يبحث عن فرصة استثمار, وتجولنا في القاعة وهي بالاساس قاعة رياضية لمركز جماهيري, اقامه اليانصيب الاسرائيلي (مركز هبايس).800 متر مربع من فخر الصناعة الفلسطينية, زيت زيتون , برغل, حناظل واسهم في البورصة الفلسطينية تركت صديقي يتكلم مع وكيل لشركة انتاج الحجر الصناعي ومنذ ان أخذ الحديث بينهم منحنى " احنا وانتو " عنا بفلسطين وعندكو بإسرائيل"... وكأن فلسطين لا تتعدى حدودها جمهورية رام اللة, كسكستلهن التنين وكسكست للصناعة الفلسطينية ولفخرها, وعلى ام التواصل بين بقايا الشعب الفلسطيني , طبعا سبيت بقلبي ومن قلبي وعلى السكت وخصوصا انه صديقي هو ابن عمي برضو...وكل زوار المعرض مشحونين وطنية وانتماء وخصوصا بعد استقبالهم بقهوة نخلة, وهناك من كسر القيود وتجرأ على الخيانة العلنية وشرب نس كافية عيليت الاسرائيلية....فيعني ليس من الصواب ان أكسكس على الملأ ..(هيك بيكتوا ملأ؟) .
تركتهم ييتفاوضوا زي ما الفلسطينيين بيعرفوا يتفاوضوا, وتجولت في المعرض , لفت انتباهي شو قالت ام الياس لواحد من الشباب في بسطة الزيت," أحنا جايين ندعمكوا..." وهو ينظر اليها بنظرة كس امك مهي القنينة بعشرين شيكل اشتريها وخلصينا من هالحكي الفاضي . ..

وبين منتجات تعاونية بيت أمر وأثاث حلبي مصنوع بأيدي أرمنية توقفت عند بسطة صابونة نابلس , بالاحرى توقفت عند عن حلم صديقتي التي تحلم ان نسنحم في صابونة نابلس, ما اروعنا / اتفهنا نحن الفلسطينيين ( بكل تواضع ) احلامنا لا تتعدى مكعب صابونه وزنه 130 غرام, فقررت ان اشتري صابونة نابلس, ماركة الجمل, فأستعمل ما أستعمل , واعطيها ما يبقى اذا ما التقيتها يوماً قبل ان ينتهي المخزون...
او على الاقل أنقل لها الانطباع بعد الحمام مباشرة, امام البسطة ثلاثة فتايات يتحدثون مع البائع ,رجل قضى على الاقل 50 سنة من عمره, وأنا أتأمل البضائع تبين لي انه لنا ايلول اخر في الاردن وبعيد عن السواد هذة المرة , انه ايلول 1961 حيث فازت صابونة نابلس يجائزة المعرض الصناعي الزراعي وقف شعر ايدي من الفخر, وبالذات انه كمان فازت بجائزة الاولى, القاهرة 1926, قطع تصاعد وانتصاب مشاعر الفخر بالصناعة النابلسية
حديث البائع مع الصبايا فقد كان يحدثهم عن فوائد صابونة نابلس وخاصة لبشرة الصبايا , واجسادهن , وعن طريقة الاستعمال , يتكلم معهم ولعاب شهوته يسيل, اقسم بالله انة الزلمة نزلت ريالته وهو يحكي مع الصبايا! شعرت انه علي أن اخلص الصبايا من ريالته, فقلت له, معلش بعد ما تمشي الصبايا بدي كم فلقة صابونة...- قديش بدك؟
- مشي الصبايا بالاول...
ردت احدى الصبايا , مش مهم منستنى شوي, (وأيضا في قلبي ومن قلبي, كس امك , خليه يتصبب عليكي هالممحون ما دام بدكو هيك)
فطبعا هو يتحدث الي وعيونه لم تنزل عن الصبايا !
للحظة بطلت بدي اشتري صابونة , فلولا حلم صديقتي بالصابونة التي كلفتني 15 شيكل لتركتهم بين اللعاب والصابون فبصراحة إشمئزيت منهم جميعا.
امس قررت ان استعمل في حمامي ابو السبع دقايق صابونة نابلس, وانا تفتح غلاف الصابونة بورقتها الزرقا- بيضا, شعرت بسعادة تلك السعادة انك مقدم على عمل وطني زي كأني خاطف طيارة ال-عال , وشعور اجمل عندما لامس الصابون جسمي, ولكن سريعا وما تحول هذا الشعور الى ذاك الشعور الذي كان بالمعرض, الى ام الياس, والريالة, احنا وانتو...فبعد فانية من ملامسة صابونة نابلس للجسم تتكون طبقة مصفحة مضادة للرصاص على جسمي, الجلد يقسو, وأغلاق تام للمسامات, حصار من اللي بالي بالكو. فيعني صابون نابلس هي للمقاتلين البريين فقط, او بالاحرى صابونة الجمل للجمل , أياكم واستعاملها قبل السكس, فعلى الارجح انكم ستخرجون بجروح او بطفح جلدي على الاقل...وبالنسبة لحلم صديقتي فحلمها في طيزي...!

29.10.09

جدلية سليمان

17/6/61 ن.
أقالت القناة الثانية الاسرائيلية, مراسلها في غزة, سليمان الشافعي, لأنه حسب ادعائها تخطى أخلاقيات الصحافة , فخلال احد التقارير الاخبارية قدّم كتابه , والكتاب هو مجموعة شهادات من رجال حماس عن جلعاد شاليط, إختطافه وظروفه في غزة . هذة الاقالة اثارت الجدل في مقاهي تل ابيب وفي مواقف السيارات القريبة من مباني تلفزيون القناة الثانية, هناك من كان مع وهناك ضد وهناك من كان مع لانه عربي وهناك من كان ضد ايضا لانه عربي, هكذا هو سليمان الشافعي مثير للجدل دوما , تقاريره, ايضا مثيرة للجدل فقسم من الاسرائيليون يعتبرها غير موضوعية ومنحازة للطرف الفلسطيني , واخرون, ومنهم فلسطينيون يعتبرونه منحاز لإسرائيل, وآخرون يعتبرونه إنساني حبتين زيادة عن اللزوم, وآخرون يعتبرونه جاسوس اسرائيلي, اما أنا وأعوذ باللة من كلمة اما , فلي اعتباراتي, عدا عن انه يقدم تقرير اخباري مدروس جيدا واحياناً مكتوب في غرفة الشاباك, فخيبة املي منه كبرت قبل حوالي اربعة سنوات عندما تم فك شيفرا القنالات الرياضية, لشركة الكوابل الاسرائيلية, يعني ليفربول ببلاش, برشولونة للفقراء...شهرين تنقل الكود بالسر في البلد وخارج البلد وكنا نفضل ان لا نتناقله على التلفون, فهو مراقب, وطبعا عندما كنت اعطيه لأحد من الذين اثق بهم كنت اخفض صوتي...وفي نشرة الساعة الثامنة مساءاً يخرج سليمان بسبق صحفي قد ينقل القضية الفلسطينية الى مأزق اخر لا مخرج منه, ومن داخل احد المقاهي في غزة بث تقرير عن الغزاويين يشاهدون مباراة كرة قدم على قناة 5 الاسرائيلية, بدون اي رسوم بدون الانضمام, بدون بنية تحتية, إن كان هناك ما يسمى بنية تحتية في غزة, فما كان يكلف المشاهد الذي انضم الى الشبكة حوالي 230 شيكل ما يعادل 58 دولار شهريا, فأن في غزه لا تكلفهم شيء... وهنا غاب صواب من التقرير, انفضحنا, لم تمضي ثلاثة ايام على تقرير سليمان الشافعي, ويومين قبل مياراة الديربي بين ليفربول وايفرتون. تم ايقاف البث المجاني. هنا اتضح لي ان سليمان الشافعي هو عميل للرأسمالية, وهو مدين للكثير من الفقراء من عشاق المستديرة من عين ماهل والرينة شمال فلسطين حتى غزة, وانشاللة ما بتلاقي شغل يا سليمان الشافعي, او مكاسيموم بتشتغل في جريدة " منبر الاصلاح".

28.10.09

رسائل شعبين

16/6/61 ن.





روبي داملين , والدة ضابط الاحتياط الاسرائيلي ديفيد داملين, الذي قُتل بعملية عين الحرامية *
برصاص بندقية ثائر حماد, بعد حوالي اربعة اشهر من إعتقال ثائر حماد قررت ان تكتب روبي رسالة مصالحة مع ثائر.
روبي , كانت تملك مكتب علاقات عامة ناجح, عملت مع قناة " ناشيونال جيوغرافيك" وقناة " هيستوري"


روبي داملين وإبنها ديفيد
في كثير من المشاريع التسويقية الضخمة للنبيذ والأطعمة, اغلقت المكتب بعد حوالي عام من مقتل ابنها فهي لم تستطيع ان تواصل حياتها بشكل عادي. فالألم على ما يبدو اكبر من ان تمارس حياتك بشكل عادي. وإنضمت الى منتدى عائلات ثكلى فلسطينية- اسرائيلية من أجل السلام, روبي قدمت الى إسرائيل عام 67 من جنوب افريقيا , في جنوب افريقيا كانت ناشطة ضد الابرتهايد , لكنها قررت القدوم
لى اسرائيل كي تساعدها في محنتها , فتطوعت في الحرب ! وكأن الحروب لا تشبه بعضها البعض ,او ان الابرتهايد الافريقي هو مقزز والابرتهايد الاسرائيلي, مفيد للبشرية. بعد الحرب استقرت روبي في اسرائيل وعملت في الجيروزاليم بوست وفي اعمال اخرى مع القادمين الجدد - نموذج صهيوني طاهر- ومن بعدها فتحت مكتب العلاقات العامة. وكان لها ولدان, علمتهما حب الناس والتسامح, ديفيد تلقى تعليمه الثانوي في ثانوية تلما يالين , وهي من اكثر المدارس التي يرفض خريجيها الخدمة في الجيش الاسرائيلي, وليس صدفة ان يكون ديفيد هو الوحيد الذي قرر ان يخدم في الجيش من بين طلاب صفه. رغم الأثر القاسي الذي تركته الانتفاضة لديه قرر ان يستمر في مسلك حربي فبعد انهى الخدمة
لاجبارية انضم الى جامعة تل ابيب وتعلم فلسفة ومن هناك بدأ يعلم في كلية تحضيرية لما قبل الجيش. وعند دعوته الى الاحتياط, احتار اذ كان يريد ذلك فعلا! ففي قرارة نفسه لم يكن يريد الخدمة في مناطق 67, وإنضم الى مجموعة من الجنود كتبوا رسالة الى قائد الاركان يوضحون من خلالها رفضهم للخدمة في مناطق 67 ولكنه سرعان ما قرر ان يمضي في الخدمة لأنه لم يريد ان يخيب ظن جنوده ولأنه يؤمن بالفكرة اليسارية الاسرائيلية, اذا لم يكن هناك جنود وضباط يساريون فإن مكانهم سيكون من هم أكثر ترهيب وفظاعة ,وتنازلاً عند طلب والدته أدخل الجيش وكن نموذج انساني هناك...!

وبما ان الانسانية كباقي القيم تسقط في غربال المعركة,ولاشيئ مضمون في المعركة, لا حياتك ولا نصرك, فحتى ذلك الجندي " اليساري" الذي يريد السلام ويبحث عنه بين الحواجز يعود لوالدته داخل تابوت, ولتبكي على قبره, حيث حفرت على القبر بالعبرية إقتباس جبران خليل جبران , من كتابه دمعة وإبتسامة " الارض كلها موطني والعائلة البشرية عشيرتي".

روبي بطبيعة عملها في العلاقات العامة تدرك قوة الكلمة , كتابة وكلاماً. فكتبت الرسالة الى ثائر لربما ارادت ان تطهر اسم ابنها او انها تشعر بتأنيب ضمير...فرغم ألمها وإتقانها للكلمة كتبت رسالة ركيكة الفحوى. كتبت " بالنسبة لي هذة اصعب رسالة علي أن اكتبها, انا روبي داملين, انا والدة ديفيد الذي قُتل على يد ابنكم. أنا أعرف ان ابنكم لم يقتل ديفيد لكونه ديفيد, فلو كان يعرف ديفيد , فلن يفعل ذلك. ديفيد كان يبلغ من العمر 28 عاما , جامعي يتعلم لقب ثاني " فلسفة التربية" في جامعة تل ابيب. كان عضو في حركة السلام ولا يريد الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة, كان لديه رحمة لجميع الناس وهو يدرك مدى معاناة الفلسطينيين, تعامل مع من حوله بإحترام. كان ضمن مجموعة الضباط الذين رفضوا الخدمة في المناطق المحتلة , ولأسباب كثيرة قام بالخدمة عندما أمروه.
ما الذي يدفع أبنائنا ليفعلوا ما يفعلوه, هم لا يدركون الألم الذي يسببوه, إبنكم سيمضي سنين كثيرة في السجن, وإبني لن ألمسه ,لن أراه , لن أزوجه ولن أكون جدة لأولاده ابداً. انا لا استطيع ان أوصف لكم الألم الذي اشعر به منذ موته انا وأخيه وصديقته وكل من عرفه وأحبه.

كل حياتي عملت من أجل التعايش, هنا وفي جنوب أفريقيا. بعد مقتل ديفيد بدأت أبحث عن طريق تمنع من الإسرائيليين والفلسطينيين تجربة فقدان كهذة , بحثت عن طريق توقف دائرة العنف. لاشيئ عندي مقدس اكثر من حياة الإنسان, لا ثأر ولا كراهية تستطيع أن تعيد لي إبني. سنة بعد أن أغلقت مكتبي و إنضممت الى منتدى العائلات. نحن مجموعة عائلات إسرائيلية وفلسطينية فقدت في الصراع افراد من العائلة . نحن نبحث عن طرق لإيجاد حوار, حيث رؤيتنا على المدى البعيد هي المصالحة.
بعد إعتقال ابنكم, قضيت ليالي كثيرة بدون نوم , قضيتها افكر , ماذا علي أن أفعل; هل علي أن أتجاهل الموضوع أو أن أكون مستقيمة مع ذاتي ومع ما أقوم به أن أجد طريق لأغلق دائرة وللمصالحة. هذا قرار ليس سهلاً على اي احد وانا إنسانة عادية وليست مقدسة. وصلت لقرار بأني اريد ان أختار طريق الصلح. ربما من الصعب عليكم ان تفهموا وأن تؤمنوا لكن انا أعي في داخلي, هذة هي الطريق الوحيدة التي أستطيع أن أختارها.إذا ما أقوله هو ما
ؤمن به ، فهذا هو السبيل الوحيد..
انا أعي تماماً أن أبنكم بمرتبة بطل بنظر الكثيرين من الشعب الفلسطيني, مناضلاً في سبيل الحرية, مناضلاً من أجل العدالة, المقاتل من أجل دولة فلسطينية مستقلة, ولكنني أشعر أنه لو ادرك ان تسلب حياة شخص أخر, ليس حل, ولو أنه فهم نتيجة عمله لأدرك ان الحل السلمي هو الحل الوحيد الذي يمكن الشعبين من العيش بسلام.
حياتنا كشعبين مرتبط احدنا بالآخر, كل واحد عليه أن يتنازل عن أحلامه من اجل مستقبل اولادنا الذين نتحمل مسؤوليتهم.
أنا ارسل هذة الرسالة مع أشخاص احبهم وأثق بهم, وسيحدثوكم عن ما نقوم به ولربما يدخلوا الامل في قلوبكم. أنا لا أعرف ماذا سيكون رد فعلكم, وهنا انا أخاطر ,ولكنني على ثقة انكم ستتفهمون, لأن الرسالة أتت من أكثر مكان صريح في داخلي. أتأمل ان توصلوا المكتوب الى ابنكم ولربما نلتقي في المستقبل . تعالوا نضع حد للقتل ونبحث عن طريق بمساعدة التفاهم و التعاطف , ولنحيا حياه طبيعية بدون عنف.
روبي داملين

بعد قرأت رسالة روبي تذكرت قصة حدثت معي ايضا بالصدفة في عام 2002 , كنت اعمل انا وصديق اسرائيلي في احد البيوت في حيفا, وصديقي هو ايضا تحرري ورافض للخدمة العسكرية بمجملها... وكثيرا ما كانت تدور بيننا أحاديث سياسية على الرغم من اننا نتجنب الحديث بالسياسة وقت العمل وخاصة بوجود زبائن, , وعلى ما يبدو ان الزبونة الاسرائيلية التي عملنا في بيتها قد سمعتنا نتحدث, فدخلت علينا وقالت لنا أنها تعتقد ان ابنها سيفرح كثيرا بالتعرف علينا, فهو ايضا يساري ويحب الطبيعة والناس ولا يهمه جنسية ولا دين الناس الذين حوله, فسألتها , وأين أبنك؟ قالت انه يؤدي الخدمة
العسكرية في منطقة بئر السبع! انا لم استغرب من جوابها ... استمرت وقالت ..ولكنه سيكون هنا الاسبوع القادم فلديه عطلة من كل هذا الوحل... نظرنا انا وصديقي ببعض وكانت تلك النظرة مع ابتسامة" شو هاي بتخبص" فقلت لها " بكل اسف , نحن لن نكون سعيدين بهذة الصداقة, ولن يكون لي يوما صديق اسرائيلي ادى الخدمة العسكرية! فانصدمت من اجابتي وحاولت ان تفسر ان ابنها انسان جيد ولا يقسو على العرب ويساعدهم... ولكن هذا لم يساعدها في تغيير موقفي وعلى الرغم انه منذ تلك المحادثة اصبحت علاقتنا مشحونة وكان بإمكانها ان توقف عملنا بشكل عادي او غير عادي... بل على العكس
ددت عقد العمل بيننا فترة اضافية وانا متأكد انها ارادت من تجديد العقد ان تطهر اسم ابنها وتثبت لنا انها ام اسرائيلية مثالية, ولكنها لا تعي ان الميثاليات الاسرائيلية بعيدة كل البعد عن الميثاليات الانسانية. وزبونتي لا تفرق كثيرا عن روبي داملين, فهي لطيفة وصهيونية ساذجة لا تدرك ماذا تقول وماذا تفعل.

قبل حوالي شهر نشرت وكالة معاً رد ثائر حماد على رسالة روبي داملين واليكم الرد

ثائر حماد
وفي عام 2004 اعلنت اسرائيل عن اعتقال منفذ عملية واد الحرامية الشاب ثائر حماد (26 عاما) من منزله في بلدة سلواد شمال شرق رام الله، وزج به في سجون الاحتلال وحكم عليه بالسجن المؤبد 11 مرة.


ويقول ثائر في رسالته: اخيرا وصلتني فحوى رسالة "روبي دملين" والدة الجندي ديفيد وهو احد جنود جيش الاحتلال وديفيد هو من احد الجنود العشرة الذين قتلوا في العملية التي حكمت على تنفيذها بأحد عشر مؤبدا بعد منع مصلحة السجون إيصال الرسالة التي ارسلتها روبي الى عائلتي مطالبة بالرد عليها..

فحسب قولها رأيي يهمها لانه يؤثر في شعبي الذي لا يزال يتغنى بالعملية، لا استطيع مخاطبة والدة الجندي مباشرة ليس لعدم امكانية تمرير الرسالة من داخل المعتقل بل لان يدي ترفض الكتابة لنهج لا يعبر في جوهره الا عن سياسة الاحتلال الذي يرفض التسليم بحقوق شعبنا. والحاجز الذي تخطته (والدة الجندي الاسرائيلي القتيل) في الكتابة لي حسب تعبيرها لن استطيع بدوري اجتيازه لان الانسان قضية وموقف يعبر من خلاله عن هذه القضية وبالتالي لا يمكن لي مخاطبة من يصر على مساواة المجرم بالضحية ومساواة الاحتلال بالشعب الواقع تحت سياطه.


وحصرا الخص كلماتي للرد على اهم ما ورد في الرسالة..
تقول والدة القتيل ديفيد:انه لم يرغب في الخدمة في الجيش الاسرائيلي لانه يؤمن بالتعايش والسلام.
لم تبرر روبي ما الذي دفع الجندي ديفيد للخدمة العسكرية لاحقا.
ويبدو ان حالة روبي تعكس حالة التفكك في المجتمع الاسرائيلي فهي لم تعرف حقيقة ابنها الذي لم يساهم في اذاقة شعبنا الويلات وحسب بل نصب نفسه في مقدمة القتلة.
وتقول روبي: ان الجنود الذين يخدمون في الجيش الاسرائيلي لا يدركون حجم المعاناة التي يسببونها للشعب الفلسطيني.
ورغم ان ابنها تجاوز الـ28 عاما ويدرس الفلسفة في احدى الجامعات الاسرائيلية تدعي روبي ان ابنها وامثاله لا يدركون حجم المعاناة التي يسببونها لشعب متناسية ان معاناة هذا الشعب واشلاء شهداء هذا الشعبلم تترك بقعة على الارض لم تصلها..
وتدعي انني في السجن ومن الممكن ان ارى في يوم ما العودة الى عائلتي واما ابنها فمات ولا يمكنه العودة.
وتعتقد انني امثل قضية فردية لا قضية شعب تقدم على مذبح حريته فيبدو انها تتحاشى معرفة عدد الشهداءالذين قضوا من ابناء شعبي وهي لا تعلم ان الاف الاسر من شعبي عاشوا ويلات فقد الابن والاب والام والاخ والاخت..
وتشير الرسالة الى ان حل الصراع لا يمكن دون الحوار والمصالحة وان القتل لا يمكن ان ينتج سوى القتل والمعاناة. وكأن روبي تعيش على كوكب آخر متناسية ان الشهيد ابو عمار دعا للسلام قبل 35 عاما وقتل اخيرا بأيدي قادتهم المنتخبين من قبلهم.


وان القيادة الفلسطينية رضخت لموازين القوى المجافية وشروط المجتمع الدولي المنحازة على حساب حقوقنا التاريخية ورغم ذلك لن تجد اذانا صاغية للحكومات الاسرائيلية من اقصى اليمين الى اخر ما يسمى باليسار بل تشير المعطيات ان مراحل مد الثورة شهدت تراجعا في استيطانكم اكثر من حالات الجزر ووصولاللتفاوض.


وان اتفاقات السلام الموقعة منذ عشرين عاما ولم تجد اي التزام منكم رغم التزام القيادة الفلسطينية به وبما تبعه من اتفاقيات.
واذكّر ام الجندي ان مدرسة التاريخ اثبتت ان الشعب الذي لا يقاوم الاحتلال بكل الوسائل وخاصة المسلحةمنها لا يمكن ان ينتزع حقوقا ولكم عبرة في حلفائكم الاميركيين الذين لم يجروا ذيول هزيمتهم من فيتنام وان جيشكم لم ينسحب من لبنان الا بالمقاومة والبطولات فتعلموا من تجارب التاريخ وارفعوا ايديكم عن ارضنا وشعبنا وهوائنا والا فان قتل القتلة واجب علينا التمسك به.


تقول والدة الجندي علينا التخلي عن احلامنا لاجل السلام.
هذا تعبير وقح يساوي بين الاحتلال المجرم الذي طرد شعبنا من اراضيه عام 48 وبين شعبنا المشرد في أصقاع الأرض، مقارنة تساوي بين القاتل والحصار وعلى سرقة ارتكبها وشعب متهم انه فلسطيني ولد على هذه الارض، مقارنة بين صاحب الارض والممتلكات الذي طرد الى لبنان سوريا والاردن وبقية المنافي، وبين الاثيوبي والصومالي والروسي والاميركي والاوروبي الذي تخلى عن وطنه بحثا عن المكاسب المادية ويقيم على انقاض شعب آخر.


وتقول روبي انها انضمت لحلقة الاباء الفلسطينيين والاسرائيليين لاجل السلام بعد وفاة ابنها وهو تجمع للاهالي الذين فقدوا أبناءهم على مسرح الصراع مصرة على تشبيه شهدائنا مع قتلاهم مقارنة بين اصحاب الحق المدافعين عن حقوقهم وبين المحتلين، وتطالبنا والدة الجندي بالتخلي عن احلامنا وهي حقوقنا التاريخية المجبولة بالدماء ودماء الاجيال المتعاقبة وتضعها في ذات السلة مع احلامهم القائمة على الاحتلال والاستغلال والعنصرية والدم.


تقول روبي: نأمل في ظل السلام....
كما رفضت مخاطبة ام الجندي مباشرة لا يمكنني ان آمل اللقاء بها في منزل شرد منه واهله تحت النيران والقذائف الى المنافي في النبطية وصبرا وعين الحلوة وباقي المخيمات لا يمكنني اللقاء بمغتصب ارضنا على ذات الارض المغتصبة.


ان السلام يعني اعادة الحقوق لاصحابها دون ان يتعاطى والاعتذار والتعويض من الالام والمعاناة التي سببها الاحتلال، ولا يمكن للسلام ان يتحقق بالقفز عن هذه الحقوق وشطب تاريخ معمد بالدم والتضحيات.


تقول روبي: انا اعرف ان ثائر نفذ العملية كجزء من النضال والحرية والعدالة واقامة الدولة المستقلة
نعم لهذا نفذت العملية وليس حبا للقتل، علما ان للقتل والعنف ضرورة فرضها الاحتلال بممارساته ولن احيد عن هذه الطريق ما دام الاحتلال واقعاً، وبما انك تثقين ان كلماتي ستلقى الصدى لدى شعبي، اقول لهم وللعالم اجمع ان لا تراجع عن حقوقنا ولا انحراف عن طريقنا وان طاولة المفاوضات تتويج للعنف الثوري والمقاومة المسلحة وليس بديلا عنها، فالاحتلال لا يمكنه التسليم بحقوقنا دون ان يدفع ثمن احتلاله باهظا ما يجبره على التسليم بهذه الحقوق، وان كل اشكال الاحتلال والاضطهاد الى زوال وسيعم فجر الحرية والعدالة الاجتماعية والقيم الانسانية".

رد ثاتر حماد على رسالة روبي تركها مصدومة فلربما بحثت عن منحنى شخصي ولكنها لم تجده او انها بحثت عن ندمه , ليقودها الى ندمها, ندمها على تشجيعها لأبنها على دخوله الى الجيش, ولم تنجح في تطهير اسم ابنها... فكتب رسالة ثانية لثائر "

"أنت كتبت ان ديفيد ذهب الى الجيش لكي يقتل, ولكن هذا الشاب الذي قضى غالبية وقته في محاولة تغيير التاريخ بواسطة التربية, قال " فيما لو ذهبت الى الاحتياط سأتعامل مع الجميع باحترام وكذلك سيتصرف جنودي". وانا اعتقد ان هذة الكلمات ليست لأنسان عنيف. أنا أعتقد انها كلمات إنسان واضح له انه ليس من المفروض فينا ان نكون في المناطق المحتلة. بعد أن قتلت ديفيد قابلت فلسطيني الذي قالي لي انه تحدث مع ديفد قبل مقتله بيوم وأنه أسف لسماع خبر قتله. هذا هو الجانب الإنساني للصراع. وأنت قلت انك قتلت 10 جنود ومواطنين من أجل انهاء الصراع, أتظن انك غيرت شيئ؟ أنا أعتقد ان قتل البشر, من الجهتين, يزيد من العنف فقط".

*عملية عين الحرامية
العملية وقعت ضد حاجز عسكري اسرائيلي شمال مدينة رام الله الفلسطينية ونفذها ثائر وحده في عام 2002 واعتبرها المراقبون من اشهر عمليات المقاومة الفلسطينية خلال انتفاضة الاقصى حيث تمكن ثائر ببندقية قديمة من قتل 11 جنديا ومستوطنا وجرح 9 آخرين بـ 26 رصاصة اطلقت على ذلك الحاجز.

المفاجأة في تلك العملية ان منفذها لم يستشهد ولم يلق القبض عليه ما فتح الباب على مصراعيه لرسم القصص والحكايا سواء من قبل الفلسطينيين او الاحتلال الاسرائيلي، ففيما قدرت المصادر الفلسطينية والاسرائيلية ان منفذ تلك العملية طاعن في السن وربما شارك في الحرب العالمية الثانية كونه يمتلك تلكالبندقية القديمة والدقة في التصويب اشارت مصادر امنية اسرائيلية الى ان منفذ تلك العملية ربما قناص من الشيشان استطاع الوصول الى الاراضي الفلسطينية لمحاربة الاحتلال الاسرائيلي وغير ذلك من التقديرات والتكهنات

3 من آذار 3 2002 استيقظ الشاب ثائر حماد قبل الفجر، وأدى صلاة الفجر، وارتدي بزة عسكرية لم يسبق وشوهد يرتديها وتمنطق بأمشاط الرصاص وحمل بندقية الـ ام 1 امريكية قديمة من زمن الحرب العالمية الثانية وتفقد ذخيرته المكونة من 70 رصاصة خاصة بهذا الطراز القديم من البنادق قبل ان يمتطي صهوة جواده وينطلق به الي جبل الباطن الي الغرب من بلدة سلواد شمال رام الله في مسالك جبلية وعرة، ووصل الي المكان الذي سبق له وعاينه غير مرة فترجل عن جواده وتركه يمضي حيث اراد كونه كان متأكدا من شهادته في تلك العملية ولكن تسير الرياح بما لا تشتهي السفن كما قال.

وفي اسفل الجبل الذي تمركز فيه ثائر عند الساعة الرابعة فجرا كان حاجز لجنود الاحتلال يسمي حاجز عيون الحرامية نسبة للمنطقة ووعورتها، وركز ثائر البندقية من جذع زيتونة وتفقد جاهزيتها لآخر مرة وإطمأن ان المخازن الثلاثة ذات سعة الثماني رصاصات محشوة بها وتفحص باقي الرصاصات واخذ يراقب ويستعد بانتظار ساعة الصفر التي حددها لنفسه.

أمضي ثائر نحو ساعتين يراقب ويخطط بعناية طول المسافة التي تبعده عن هدفه بين 120 ـ 150 مترا هوائيا الي الشرق منه ومع اشارة عقارب ساعة يده الي السادسة صباحا واشرقت الشمس وبات كل شيء واضحا اطلق رصاصته الاولي علي جنود ذلك الحاجز الذي كان يذيق ابناء المنطقة الوان الاذلال والقهر.

وحسب رواية ثائر كان هناك ثلاثة جنود يحرسون الحاجز فسدد على الاول فاستقرت الرصاصة في جبهته، فعاجل الثاني برصاصة استقرت في القلب قبل ان يكبر ويطلق رصاصته الثالثة لتردي الجندي الثالث قتيلا، وعلى صوت الرصاص خرج جنديان آخران من غرفة الحاجز مذعورين يحاولان استطلاع الأمر، وقال ثائر: لم اجد صعوبة في الحاقهما بمن سبقهما ومن داخل الغرفة ذاتها رأيت سادسا كان يصرخ مثل مجنون اصابه مس المفاجأة كان ينادي بالعربية والعبرية ان انصرفوا وهو يدور في الداخل كان سلاحه بيده ولم يطلق في تلك اللحظة الرصاص، لاح لي رأسه من النافذة الصغيرة اطلقت عليه رصاصة وانقطع الصوت وساد سكون الموت منطقة الحاجز برهة، أعتقد انني عالجت أمر الوردية بست رصاصات، وفجأت وصلت الي المكان سيارة مدنية اسرائيلية ترجل منها مستوطنان اثنان صوب الاول سلاحه وقبل ان يتمكن من الضغط على الزناد كان تلقي رصاصة وسقط صاحبه الى جواره مع ضغط الزناد التالي.

وحسب ثائر مضت دقيقتان قبل ان تصل سيارة جيب عسكرية لتبديل الجنود، وما ان اتضح للضابط ومجموعته الأمر حتى ترجلوا وتفرقوا واخذوا يطلقون الرصاص على غير هدى في كل اتجاه.

وقال ثائر بان موقع الحاجز في اسفل الجبل مكنه بشكل جيد في تحديد اهدافه، فعالج امر هؤلاء الجنود بالتزامن مع وصول سيارة اخرى للمستوطنين وشاحنة عربية أجبر سائقها على الترجل الا ان ثائر تمكن من اصابة المستوطنين الي جانبه من دون ان يمسه هو بأذى. ويتذكر ثائر الذى يقضي حكما بالسجن 11 مؤبدا كيف وصلت مركبة مدنية اسرائيلية لاحظ ان بداخلها امرأة اسرائيلية مع اطفالها ويقول كانت في نطاق الهدف، ولكنني امتنعت عن التصويب باتجاهها بل صرخت فيها بالعربية والعبرية ان انصرفي خذي اطفالك وعودي ويذكر انه لوح لها ايضا بيده طالبا منها الابتعاد، وبعد ذلك انفجرت بندقيته (التي لا تحتمل اطلاق الرصاص منها بشكل سريع لقدمها) وبين يديه وتناثرت في المكان ما اجبره عليى انهاء المعركة بطريقة مغايرة لما خطط لها، كان قد اطلق بين 24 و26 رصاصة فقط من عتاده المكون من 70 رصاصة يعتقد انها جميعا استقرت في اجساد هدفه حيث قتل 11 جنديا ومستوطنا واصاب تسعة آخرين.

وبعد انفجار بندقيته قرر ثائر الانسحاب صعودا في طريق العودة الى المنزل كان ذلك نحو الساعة السابعة والنصف صباحاً عندما وصل الي بيته واسرع لأخذ حمام ساخن وخلد الى الفراش فأخذ قسطا من النوم قبل ان يوقظه صوت شقيقه يحثه على الاسراع لتحضير جنازة قريب لهما قد توفي.

وترافقا في العمل على القيام بواجب العزاء، كل شيء كان طبيعيا ولم يبد على ثائر أية مظاهر غير معروفة عنه حتى عندما بدأت الانباء عن العملية تتردد في القرية مع ما رافقها من إشاعات عن ان رجلاً مسناً هو القناص الفذ الذي نفذ العملية التي يؤكد ثائر ان احدا لم يساعده في تنفيذها او يعلم بسرها لكن مصادر تشير انه اشرك احد اشقائه الخمسة في سره.

ومع اتضاح حجم العملية فرضت قوات الاحتلال طوقا حول بلدة سلواد المجاورة للحاجز ونفذت حملة تمشيط بحثا عن المنفذين المحتملين وأعتقل ثائر وأفرج عنه بعد 3 ايام بعد ان رسمت مخابرات الاحتلال صورة لمنفذ العملية بأنه رجل كبير في السن، الامر الذي عززه كذلك وجود لفافات من التبغ العربي الذي يدخنه كبار السن عادة بعد اعداده بأيديهم عثروا عليه في المكان الذي اطلقت النار منه على الحاجز.

وعزز الافراج عن ثائر في المرة الاولى الثقة بنفسه بأنه في مأمن ولا شكوك حوله وأخذ يردد في كل مجلس يرتاده حكاية القناص العجوز الذي نفذ العملية، والذي كان يقول انه ربما انتقل الى جوار ربه ولن يقع في يد الاحتلال.

ومضي نحو 30 شهرا على العملية عندما تسلمت عائلة ثائر أمرا من المخابرات يطالب ثائر بمراجعتها ولكنه لم يراجع كان ذلك قبل اسبوع من مداهمة منزله واعتقاله فجر يوم 2/10/2004 يومها بدا واثقا من نفسه وطمأن والدته والعائلة بأنه سيخرج بعد ايام قليلة لأنه لم يفعل شيئا يوجب اعتقاله ولا شيء ضده.

ولم يطل المقام عندما نشرت صحف اسرائيلية صبيحة 6/10/2004 نبأ القاء القبض على قناص وادي عيون الحرامية وانه ثائر حماد.

وترافق اعتقال ثائر مع اعتقال ثلاثة من اشقائه هم نضال واكرم وعبد القادر الذي اعتقل قبله بعشرة ايام فيما ترافق اعتقال الآخرين مع الكشف عن العملية. هذا وبعد 30 جلسة من المحاكمة حكم على ثائر بالسجن المؤبد 11 مرة .