ستي كانت قوية على صعيد النضال العائلي, القرارات تصدر من مطبخها, الاجتماعات على عتية الدار ولاحقا مع ازدياد قائمه الدواء اليومي وتوسيع التشكيلة المُخَدِرة انتقلت قاعة المؤتمرات الى غرفة نومها. كانت تتدخل في كل كبيرة وصغيرة, وتسمع الهمسات والهسفات التي حولها.
محبتي لستي بدأت بشكل رسمي عندما كنت في السابعة او الثامنة من عمري, عندما عاتبت أمي " يا مشحرة ليش ما بتطعمي اولادك؟"
مش شايفتيهن ضعاف وعظامهن فوق لحمهن؟"
امي جوابتها في حينها," واللة يا يما اني بركض وراهن وبترجاهن يوكلوا", قالتلها ستي.. ولا تترجي ولا تركضي ورا حدا, انتي بس حطي الاكل والقلعاط الحلو والفواكة حواليهن... وين بيدرسوا وين بيتشحروا يلعبوا ... عند هالسايب التلفزيون, خليها كيف ما فتلوا يكون حواليهن اكل على مد ايدهن... وهيك الا ما الولد يتناول كوساية ولا صحن رز او اتقلعطله الولد اصبع حلاوة...
عندها رأيت في ستي المخلصة من كل ازماتي من اليوم مش رح اطلع على كرسيين فوق بعض علشان اوخذ شكلاطة سلفانا من الشقة الفوقا بالخزانة. بعد حديث ستي تخيلت نفسي انني اجلسي في داخل براد البوظة بدكانة ابو زهير... ولكن ستي قطعت هذة اللحظة الخيالية عندما قالت... واهم اشي تشرطي عليهن ما يوكلوا شكولاطه ولا بمبا ولا اشي بدون ما يوكلوا طبيخ ... مع انك تاركتيهن بين ايديهم
عندها نسيت الموضوع, ولم اعر ستي وكلامها اي اهتمام واعتبار.
بعد اقل من اسبوع , صحن دوالي مغطى بصحن اخر زجاجي شفاف على طاولة المطبخ ... ومن الجهه الثانيه للطاولة , كم حبة راس العبد وانا بشكل تلقائي تناولت حبت راس العبد وانا اقشرها سأات امي اذا ممكن ان اخذ واحدة... فقالت طبع ممكن بس لازم توكل دوالي...
ولك يا يما مش جوعان, بتحكيلي بلاش توكل بس رجع " الكرمبو -راس العبد محلها."...
وبالطبع مخطط جدتي نجح.
مع مرور الايام ادركت حكمة ستي... ووضعتها نصب عيوني دائما. فقد ادركت ما لم يدركة كبار الساسة والقياديين, فمهما رفعت سقف المطالب وتركته اعلى من حجر صنين في العلالي, ولم تجعله شعبويا...حديث كل طاولة, مرجع كل حائر, هدف كل طالب فلن تنال منه شيئ
فما حدث لنا كفلسلطينين اننا طوبنا وقدسنا مطالبنا ولم نبحث بها ابدا فحتى من يفاوض لم يطرح على طاولة الحوار المطالب الاساسية لكل فلسطيني...وكذلك من يجاهد اصبح يجاهد من اجل الجهاد لا من اجل سقف المطالب الذي من علوه لم نعد نراه...
قبل اشهر قليلة توفيت ستي دون ان تعود الى تراب الساحة التي لعبت بها وهي صغيرة...
هناك تعليقان (2):
الله يرحمها
بوست جميل يا باب..
للأسف شعبنا صار بدو يوكل ابو العبد بس بدون ولا كوساية
تعيش خيا زفت
رغم اننا شعب معونات منتمحن على شو بيطعمونا وشو بيجيبولنا
كن بخير
إرسال تعليق