27.4.09

كان بين اللوز

 
      كوبر, اللوز يشير الى المكان , ليس هناك اي حاجة  الى لافتة لتشير الى ذلك او لافتة ترحب بك في كوبر فاللوز يفعل.
وجدنا انفسنا في كوبر انا وعامر بعد ان  قال لي ان الاسبوع القادم  
ستكون ذكرى وفاة الاديب الفلسطيني  حسين البرغوثي فلنذهب لنزوره ونتلقى  الحكمة من ظلال اللوز .
تاكسي اصفر  يخترق  بلونه إخضرار المظهر وهدوء كوبر بضجيج وعجقة رام اللة . ننزل في وسط البلد وهناك يسأل عامر عن  قبر حسين البرغوثي! كم هو غريب ان تكون في وسط البلد  وتسأل عن مكان قبر...
وخاصة في هذا الزمن بالكاد نعرف اين بيوت الاحياء. ولكن لكوبر قوانينها فلم تبدو الغرابة من السؤال على وجه احد من الاشخاص الذين سألناهم ! هناك على التل قالو. وسرنا في طريق اختلط فية اللوز مع كل شيء  فاختلط أخضره مع أحمر كُتب على الحائط ليمجد اخر الشهداء, والنسيم  يداعب اوراق اللوز ليغيظ  هدوء المكان وكأنه يمارس الجنس في مكان عام.

كان واضحاً اننا وصلنا متأخرين, حبات اللوز بدأت تتيبس ملمسها يقسو , كأنها تعاقب بقساوة من تأخر على زيارتها وتحرمه من لذة اللوز!  وعند إنعطاف الطريق وعلى يساره,  كانت شامخةً  لوزة خضراء اغصانها عالية أبت ان تحمل أغصان منخفضة ...جذعها الغليظ يخرج من الارض ويميل نحو الغروب ويعود شامخا  شرقا متفرعاً كالمقلاع او كإشارة النصر.
 وعلى منخفض سنسلة من سيعة حجارة كان قد بناها ابو حسين البرغوثي يرقد في قبره حسين البرغوثي . " ان زرتني سأكون بين اللوز"  هكذا كتب على  مرقدة  ... دلالة على وجوده في المكان وخارجه . فما انا دخلت كوبر اخذت ادندن في مخيلتي  اغنية جاي الحمام  والتقط الصور وعامر  يلقط لنا اللوز ويردد ويدندن ... يا راكبين الجمل كثرت صحاريكم...  وكأن حسين يدعونا ان نغنيه ونحن في ضيافته...
 
قَبر حسين البرغوثي  بالقرب من اللوزه في  حاكورة بيتهم كان لأن كلاهما اراد الاستمرارية, فهو بقي بقربها ليريها ان الموت مرحلة... ام بقي بقربها كالعاشق المخلص  الذي  لا يترك محبوبته مهما شائت الظروف والصدف...فقد يؤنس وحدتها ويقرأ  بقربها... وها هي اليوم تغطيه  بظلها تارة وتلحفه بالزهور تارة وبأوراقها تاره اخرى...
 على يساره مدفون  مدفون والده جميل البرغوثي شاهد العصر الذي ترك الاثر الكبير في حياة  حسين البرغوثي... وكان له الاثر الاكبر في صقل شخصيته حتى بعد ممات ابو حسين.

 بعد ان استرسلنا من قصائدة ومسرحياته ذهبنا لنطمئن على حال ام حسين والدته..
 كانت في المطبخ تعد غذائها, طرحنا السلام وعرفنا بأنفسنا, وفرحت كثيراً  عندما علمت مقصد زيارتنا ... وقالت انه لمن الجميل ان احبائه ما زالو يزورنهم, وادخلتنا الى البيت وعرضت علينا ان نتناول الغذاء بمعيتها فأقترحنا عليها اننا نكتفي بفنجان شاي بجانب القبر لتحدثينا عن حسين. من مطبخها المتواضع المليء بالحب ...بدائت تحدثنا عن حسين الابن...  عن  حلمه واصراره على اكمال تعليمه هو واخوانه..
 
خرجنا لنشرب الشاي بظلال شجرة اللوز الى جاانب حسين.. شاي بالنعنع من ايدين ام حسين. بدأت حديثها ان الكبر اثقلها  من جيل شارون قالت ساخرة 72عاما , مما منعها من التعشيب حول القبر ولكن  رغم ذلك فانها لا تزال  تجلس بالقرب منه بين الحين والاخر تلقي قصائده واغاني شعبية...فاخذت تحكي لنا من قصائدة  بلهجتها العاميه واهازيج  كانت قد حفظتها من عمها وهي طفلة... وعن حلمها في تسجيل هذة القصائد والاغاني على كاسيت لتبقى جزء من التراث الذي يجب ان نحافظ عليه. دهشتني ذاكرة الحجة ام حسين  تحفظ الكثير من الاحداث والقصائد والاشعار. حدثنا عن ايام  حسين  الاخيرة قبل وفاته... وعن اصدقائه الذين لم يتركوه. ولومتني اني تأخرت كثيرأ في زيارتي فقد كان علي ان اتي واصور اللوزة وهي تعطي ظلا مزهر على القبر فقد قالت لي انة كان منظر جميل وجدير ان يخلد كقصائد حسين. 
كم هي جبارة ام حسين , فقد ذاقت المر كثيراً  فقد  ابنها وزوجها وفلسطين ولكنها انسانة تحب جمال الحياة وبساطتها . وها هي شامخة كشجرة لوز دائمة الزهر




 






هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

يمكن زنخ استردت معناها الغير موضوعي ..

الناطق بلسان الباب الاخر يقول...

حتى إشعار أخر؟

غير معرف يقول...

برضو يسلمو يا صاحب السموّ عالأشياء المميزة

تحياتي